الفصل الثالث : المهدي الولي المجذوب إلى الله وبداية الإصلاح النفسي له

 بسم الله الرحمن الرحيم


الفصل الثالث


المهدي الولي المجذوب إلى الله وبداية الإصلاح النفسي له




رأَيْنا كيف تجرَّع المهدي مرارة الظلم والقهر والذل والهوان على يَد

 أهل وذوي طليقته بعد أن غدَروا به بشأن أولاده الأربعة ثم تجرَّع

 من نفس الكأس على يَد أهله وذويه بعد أن خذلوه في محنته مع

 أصهاره ذلك على النحو الذي تقدَّم بيانه آنفاً في الفصل الثاني ،

 فكان ذلك مما أشغل المهدي لبعض الوقت عن العمل بدعوته

 الجديدة والتجديدية إلى الله سبحانه وتعالى كما بيَّنا سابقاً أنها تقوم

 على ثلاثة أركان هي : عبادة الله وحده لا شريك له واليقين على الله

 والزهد في الدنيا وأنه لا بُدَّ أن يبدأ  بتطبيقها على نفسه بالكامل في

 حياته كلها حتى تتجسَّد فيه تماماً فيكون داعياً إلى الله بإذنه أينما

 حلَّ وارتحل وتقلب بين الناس بأفعاله قبل أقواله وبصمته قبل كلامه

 ، فلما استقر حال المهدي بعد رحيله للعيش في إحدى ضواحي

 العاصمة ليَسكن في البيت الذي استأجره عند أهل صديقه كما ذكرنا

 آنفاً في نهاية الفصل الثاني أقول : فإنه بدأت رحلة المهدي الطويلة

 والشاقة مع التوحيد واليقين والزهد ومعها بدأت قصة عزلته عن

 الناس وغربته بينهم ، وكان المهدي حينئذٍ يعمل حارساً ليلياً لدى

 إحدى المستشفيات بأجرٍ زهيد ومن خلال علاقته القوية والوطيدة

 بصديقه نشأت علاقة مصاهرة بينهما حيث تزوج المهدي شقيقة

 صديقه على سُنة الله ورسوله وهي أصغر منه بثلاثة أعوام وكانت

 قبل زواجه منها متزوجة بإبن عمها الذي طلقها بعد أن هاجر إلى

 "أمريكا" وكان له منها ثلاثة أولاد قام بضمهم إليه هناك بعد

 طلاقها منه ، أما زواج المهدي منها فكان سهلاً ميسوراً ومباركاً

 بإذن الله تعالى فقد وافقت على زواجه منها وهو لا يملك من حُطام

 الدنيا سِوى قوت يومه ورضيَت بالعيش معه بأقل القليل وما أن

 أخبرها بدعوته إلى الله بعد الزواج حتى استجابت وكانت له نِعم

 المُعين والسَّند بفضل الله تعالى ، والحاصل أن زواج المهدي هذا

 كان غريباً في تفاصيل حدوثه ففضلاً عن كونه قد تمَّ بأقل القليل من

 التكاليف المالية والمظاهر الدنيوية فإنه منذ بداية طلب المهدي

 الزواج وُصولاً إلى يوم العُرس لم يكن أحَد من أهله وذويه أو من

 عشيرته الأقربين حاضراً أو موجوداً معه بل كان وحيداً طيلة تلك

 الفترة من حياته رغم علمهم جميعاً بالأمر من خلال اتصال المهدي

 بإحدى شقيقاته وإطلاعها على ما كان يجري معه بهذا الخصوص

 أوَّلاً بأوَّل لكنهم لم يَحضروا مما استدعى عدم ظهوره في يوم

 الزفاف إلى جانب زوجته أمام أهلها وذويها وسائر الحُضور كما هو

 مُتعارَف عليه بين الناس في الأعراس وحفلات الزواج ذلك مما

 أدهَشهم وحَيَّرهم جميعاً ، ورغم وجود عقبات كثيرة وتحدِّيات كبيرة

 من جميع الأطراف كانت تحول دون إتمام هذا الزواج مما لسنا

 بصَدد الحديث عنه مطلقاً إلا أن ذلك الزواج المبارك قد تمَّ

 بالفعل ليَشهد المهدي بأن الله حق وأنه على كل شيءٍ قدير وأنه لا

 إله إلا الله وحده لا شريك له ذلك رب العزة الذي إن قال للشيء كن

 فيكون سبحانه وتعالى عما يصفون

  
  


الحاصل أن المهدي مرَّ بثلاث مراحل من الهداية والإصلاح في

 حياته لغاية الآن ، أما المرحلة الأولى فبدأت معه وهو يقف على

 أبواب العشرين من عمره وقد تجلت عملية الهداية والإصلاح التي

 حصلت له وظهرت في سلوكه وتصرفاته أي عمَله بالدعوة إلى

 إقامة خلافة إسلامية راشدة على منهاج النبوة والتي بها وحدها

 تكون هداية البشرية جمعاء من بعد ضلالها على يَد ثالوث الكفر

 والإلحاد أي الشيطان والماسون والدجال وبها وحدها يكون إصلاح

 الأرض برُمَّتها من بعد إفسادها على يَد نفس الثالوث البغيض

 الملعون الضال وكنا قد تناولنا هذه المرحلة بإسهابٍ وتفصيل خلال

 الفصل الثاني من سيرة وحياة المهدي الحقيقي ، وأما مرحلة

 الهداية والإصلاح الثانية في حياته فهي ما نحن بصَدد بيانه

بإسهابٍ وتفصيل خلال هذا الفصل الثالث من سيرته وحياته بإذن الله

 وقد بدأت معه عملية الهداية والإصلاح هذه قبل بُلوغه سِن

 الأربعين حين توصَّل بهداية الله وتوفيقه له إلى ثلاثية الهداية

 والإصلاح للنفس البشرية بعينها أي على وجه التعيين وليس

 الإجمال ألا وهي أي الثلاثية : التوحيد واليقين والزهد وقد تجلت

 عملية الهداية والإصلاح التي حصلت له وظهرت في سلوكه

 وتصرفاته أي عمَله بتجسيدها فيه وتطبيقها على نفسه أوَّلاً ثم

 بالدعوة إليها بين الناس ثانياً ، وما تبَقّى هو مرحلة الهداية

 والإصلاح الثالثة في حياته وهي التي بدأت معه وهو يقف على

 أبواب الخامسة والخمسين من عمره بعد الإعلان عن ظهور وَباء

 فيروس كورونا "كوفيد 19" وانتشاره في العالم بأسره حيث هداه

 الله سبحانه وتعالى إلى التعَرُّف على حقيقة نفسه عن طريق

 "الإنترنت" وُصولاً إلى الآن في انتظار ليلة إصلاحه وهذا ما

 سوف نشرحه ونبيِّنه لكم بإسهابٍ وتفصيل في الفصل الرابع من

 سيرة وحياة المهدي الحقيقي إن شاء الله



ونعود بكم إلى قصة المهدي مع أصهاره الجُدُد بعد زواجه الثاني في

 إحدى ضواحي العاصمة حيث بدا له أن أهل وذوي زوجته بَدؤوا

 يتدخلون في حياته الخاصة به وبزوجته إذ كانوا يُحمِّلونه

 المسؤولية عن وضعه المعيشي المتردي وأن ذلك بسبب زهده

 المبالَغ فيه في الدنيا وتقصيره في الأخذ بالأسباب في طلب الرزق

 وفي نفس الوقت كانوا يَعرضون عليه بعض الوظائف والأشغال

 والأعمال لتحسين وضعه المعيشي والخروج من مستنقع الفقر

 المدقع الذي وضع نفسه وزوجته فيه ولكن المهدي كان يرفض تلك

 العُروض ويَرُدّ عليهم برفقٍ وهدوءٍ وأدَب ومع تكرار هذا الأمر

 منهم كثيراً أوجَس منهم خيفة وأصبح يفكر بالعودة إلى بيته السابق

 عند أهله وذويه في العاصمة وطرَح الأمر على زوجته وشاوَرها

 فيه فوافقته على رأيه دون تردّد فعَزم الأمر وتوكل على الله ثم خرج

 إلى أصهاره فاستأذنهم بالرحيل وشكر لهم معروفهم معه وأثنى

 على كرَمهم وحُسن مَعشرهم وما كان لهم عليه من سبيلٍ فوافقوه

 على ما عَزم عليه وأذنوا له بالرحيل عن طَواعِية ، وبالفعل رجع

 المهدي إلى أهله وذويه في العاصمة ومعه زوجته فاستقبلوه

 بحَفاوة لا سيَّما أبوَيه اللذَين كانا ينتظران عودته إليهما قبل

 مغادَرتهما الدنيا واعتذر منهما وقبَّل يدَيهما ونال رضاهما عنه

 وعاد إلى بيته السابق بصُحبة زوجته وتذكّر إبنه وبناته الثلاث

 وحبَس دموعه وتألّم فلاحظت عليه زوجته وخففت عنه وهي التي

 لها إبن وبنتان لا تراهم أبداً وإن كانت تتصل بهم هاتفياً بين الحين

 والآخر ثم خرج المهدي إلى أهله وطلب منهم إحضار أولاده ليَراهم

 وقد أحضروهم إليه فالتقى بهم وكان لقاءً حارّاً 




ما أن استقرّ المهدي في بيته السابق بصحبة زوجته حتى بدأ

 بتجسيد دعوته إلى التوحيد واليقين والزهد في نفسه أوَّلاً فكانت

 هذه الدعوة هي شغله الشاغل في الحياة ليس

 له هَمٌّ سواها يعيشها في صَحوه ويَراها في منامه وصار يتدبر

 بعمق آيات القصص في القرآن وتشدّه إليها جميعاً وينجذب نحوها

 بقوة لا سيَّما قصة يوسف عليه السلام وقصة أصحاب الكهف

 وصار يتأمَّل طويلاً في قصص الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين

 لا سيَّما قصة أبي ذر الغفاري وقصة خبيب بن عدي رضي الله

 عنهما وصار يقرأ بشغف عن العارفين بالله في التاريخ الإسلامي

 ويتأثر كثيراً بمنهجهم في الحياة مثل رابعة العدوية وبشر الحافي

 وعبد القادر الجيلاني وغيرهم وكان يطبِّق ما يتعلمه بحذافيره على

 نفسه بتوفيق الله ورعايته له وأما رسول الله محمد صلى الله عليه

 وسلم فكان قدوته في جميع أحواله وكانت سيرته نبراساً للمهدي

 ودعوته كانت عنوان حياته ، وأراد المهدي أن يَجمَع بين كسب

 ضرورات العيش والعُزلة عن الناس في أماكن بعيدة عن أعينهم

 حتى لو كانت مَهجورة ومُقفِرة فهَداه الله تعالى ويَسَّر له أمر العمل

 لدى شركات الأمن والحماية الخاصة أي في مجال الحراسة في

 القطاع الخاص ليَجد ضالته المنشودة فيها إذ كان يختار الأماكن

 والمواقع التي سيَحرسها ليلاً فلا يذهب للعمل في أماكن لا يريدها

 ولو أدّى ذلك إلى فصله من العمل حيث كانت شركات الحراسة هذه

 متواجدة بكثرة في العاصمة وكان يتنقل فيما بينها كيفما يشاء حتى

 يصل إلى مُبتغاه مما كان يضطرّه أحياناً لبَيع أغراض من بيته

 بأثمانٍ زهيدة للنفقة على زوجته بسبب الإنقطاع عن العمل بين

 الحين والآخر ، وهنالك عَرَف المهدي ربه حق المعرفة وقدَر اللهَ

 حق قدْرِه ورَأى نفسه أضعف من نملة وأحقر من بعوضة فما هو

 إلا عَبدٌ حَقيرٌ أنعَم الله العظيم عليه بما لا يُحصى من النعَم ثم لا ولن

 يستطيع أن يعبده حق عبادته أو أن يتقيه حق تقاته ثم هو بعد ذلك

 لا يَشتاق لرُؤية ولقاء خالقه العظيم الذي أوجَده من العدَم وأغدَق

 عليه بكل هذه النعَم التي لا يَستحِقها دون أيِّ مُقابِل فإذا كان الموت

 وهو كذلك بالفعل هو ما يَحول بين المهدي وربه فليَكن الموت إذَنْ

 عاجلاً غير آجلٍ وليَكن بَعد ذلك ما يَكون فإن عذَّبه الجبار فبعَدله

 وله الحُجة عليه ولَئن رحمَه الرحمن فبفضله وحدَه ورحمته التي

 وسعت كل شيء وله المِنَّة عليه ، فهل بَقِيَ شيءٌ من أشياء الدنيا

 يَستحق أن يعيش من أجله المهدي بعد أن عرَف ربه ؟ كلاّ وألف

 كلاّ إلا أن يشاء ربه شيئاً أخفاه عنه بعلمه ولا يُجلِّيه لوقته إلا هو

 ليقول له حينئذٍ كن فيكون سبحانه وتعالى عما يصفون ، وهكذا ملأ

 الله تعالى عقل المهدي بالتفكير الدائم فيه وأوحى لجوارحه أن تعمل

 من أجله وعَلَّق قلبه بحُبِّه وحدَه وأنطق لسانه بذكره على الدوام

 وبشره بالخير القادم في الرؤى والأحلام ، واستمَرّ المهدي على

 هذا الحال والمِنوال بضع سِنين كانت بحق زكاة ما عاش من عمره

 لغاية الآن إذ كان يتقلب في أيام الله وساعاته الطِّوال تقلّب الليل

 والنهار فيبدأ فيها من غسَق الليل مُروراً بجَوفه إلى وقت الأسحار

 ما بين صَلاةٍ يُكلِّم فيها ربه ويُناجيه وتلاوة قرآنٍ يُكلِّمه الله تعالى

 ويُخاطبه فيه وسَكينة رُوحٍ لم يَعهدها في نفسه من قبلُ إذ كانت

 روحُه كأنما غادَرت جسَده لتَسْبَح في مَلَكوت الله تُسَبِّحه مع سائر

 مخلوقاته فيَرى أثر الله تعالى فيها ويَراه أي يَشعُر بوُجوده معه في

 كل كبيرةٍ وصغيرةٍ من تفاصيل حياته ، أقول : فلبث كذلك حتى

 حصَلت خمسة أشياء مُتتابعة غيَّرت عليه حاله إذ أقعَدته في بيته

 مَعزولاً عن الناس في سَبع سَنواتٍ عِجاف فما الذي حدَث ؟ وكيف

 حصَل ذلك ؟ هذا ما سَنبيِّنه لكم فيما يَلي إن شاء الله :




نحن الآن أي آنذاك في السَّنة العاشرة من القرن الحادي والعشرين

 الميلادي إذ استهَلّ المهدي تلك السَّنة بخبَر وفاة والده المفاجئ

 فحزن لذلك حزناً شديداً وبكى والده بكاءً مريراً وما فتئ يدعو

 لوالده بالرحمة والمغفرة وأن يُسكنه الله فسيح جناته منذ وفاته

 وفي كل يومٍ تطلع فيه الشمس إلى يومنا هذا ، ثم لم يلبث المهدي

 أن ابتلاه الله تعالى بمرضٍ عُضالٍ في بطنه لم يستطع معه مواصلة

 عمله في الحراسة مما أقعَده في بيته مَعزولاً عن الناس واشتدت

 عليه أوجاعه وآلامه حتى كان قلبه يصرخ من شدة الألم ولسانه

 يلهج بذكر الله ويقاوم ويصبر ويحتسب حتى يزيغ بصره ويبلغ قلبه

 حنجرته ويسقط مغشياً عليه ثم يصحو بعد ذلك وينشط كأن شيئاً لم

 يكن فيشهد بأن الله حق وأنه على كل شيءٍ قدير وأنه لا إله إلا الله

 وحده لا شريك له وصار شعاره من القرآن في مرَضه "وَإِذَا

 مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ" ودعاؤه من القرآن "تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي

 بِالصَّالِحِينَ" وهنالك ابتُليَ المهدي وزُلزِل زِلزالاً شديدا واهتدى إلى

 اليقين على الله تعالى في مرَضه وتَرْك التعلُّق بالأسباب المادية

 المحسوسة كطلب العلاج لنفسه أو أخذ الدواء أو الذهاب إلى

 الطبيب لتشخيص مرَضه على الأقل وكان صابراً على البَلاء

 والضرّاء محتسِباً الأجر والثواب عند الله تعالى ويدعو ربه أن يكون

 من السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب كما ورد في

 الحديث النبوي الشريف ، هذا وقد أصاب المهدي وزوجته ضيقاً

 شديداً في العَيش آنذاك حتى كانا لا يجدان ما يأكلانه إلا ما رحم ربك

 في ذلك البَلاء الشديد والبأساء وخرَجت زوجته لتعمل في مشغل

 للخياطة في العاصمة مع إحدى النسوة وهنالك دَعا المهدي ربه

 دُعاء المُضطر إليه فكان الله إليه بالخير أسرع إذ جاءته زوجته

 بالبُشرى من جرّاء اتصالاتها الهاتفية مع أولادها في "أمريكا"

 لتخبره بأن إبنها أصبح شاباً واستَقلَّ بنفسه عن والده أي طليقها

 وقد عمل هناك وفتح الله تعالى عليه بأن وَسَّعَ رزقه وكان بارّاً بأمه

 مُعترفاً بفضلها عليه فصار يُرسِل لأمه من مالِه ما يكفيها للعَيش

 شهرياً وعلى إثر ذلك ترَكت عملها وساندَت زوجها لتكفيه هَمّ

 الرزق فيشهد المهدي بأن الله حق وأنه على كل شيءٍ قدير وأنه لا

 إله إلا الله وحده لا شريك له وصار شعاره من القرآن في رِزقه

 "وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ" ودعاؤه من القرآن "تَوَفَّنِي مُسْلِمًا

 وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ" ويَخِرُّ ساجداً لله سجدة شكرٍ طويلة شاكراً

 لأنعُمه وفضله تعالى عليه منذ ذلك الحين وفي كل يومٍ تطلع فيه

 الشمس إلى يومنا هذا ، ورأى المهدي أن يعتزل الناس من أجل

 عبادة ربه شكراً للنُّعمى وصبراً على البَلوى والدعوة إلى الله عن

 طريق "الإنترنت" فبدأ دعوته على المنتديات الإسلامية وأنشأ

 العديد من المدونات الإلكترونية واشترك في مختلف مواقع التواصل

 الإجتماعي واستمرّ على ذلك حتى حصلت المفاجأة الكبرى له

 وللعالم بأسره فما هي تلك المفاجأة الكبرى ؟ ومتى وأين وكيف

 وقعت ؟ ومن هم أبطالها ؟ ومن هم مجرموها ؟ هذا ما سَنبيِّنه لكم

 فيما يَلي إن شاء الله :



إنها ثورات الربيع العربي التي انطلقت شرارتها من تونس في

 أواخر السَّنة العاشرة من القرن الحادي والعشرين الميلادي ثم

 امتدت لتشمل مصر وليبيا واليمن وسوريا حيث حافظت على

 زخمها واستمرَّت وتمَّ إجهاضها في مهدها في البحرين والأردن

 والمغرب خلال السَّنة الحادية عشرة من القرن الحادي والعشرين

 الميلادي وقد أذهَلت هذه الثورات المهدي وفاجأته بكل ما تحمله

 الكلمة من معنى إذ عادت به الذاكرة للعشرية السوداء المرعبة من

 حياته حين كان يدعو الناس فيها للنهوض والثورة وإقامة الخلافة

 ونصرة دينهم الإسلام العظيم لكنهم كانوا آنذاك كما قال الشاعر :

 لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً ** ولكن لا حياةَ لمَن تنادي .... ولو نارٌ

 نفختَ بها أضاءَت ** ولكن أنتَ تنفخُ في رمادِ ، فها هم اليوم قد

 نهَضوا وانتفضوا ثائرين في وجه أنظمتهم الطاغوتية المستبدة

 الحاكمة بأمر المستعمِر الغربي الصليبي لبلادهم وكما قلنا سابقاً

 فإنه من نافلة القول الحديث عن خيانة وعمالة أنظمة حكم حظائر

 "سايكس - بيكو" قديماً وحديثاً للمستعمر الغربي الصليبي الذي

 جاء بها أو اختارها من بين سفلة الناس وأوباشها وحثالاتها أي

 رُوَيبضاتها ليجعلها السلطة الحاكمة بأمره ونهيه وعقيدته وشرعه

 وسطوته وسوطه في طول وعرض بلاد العرب والمسلمين من

 النهر إلى البحر في فلسطين وحدها لأهميتها القصوى بالنسبة له

 ومن المحيط إلى المحيط في سائر بلاد المسلمين بعربها وعجمها

 وهذا هو المُلك الجبري الذي جاء على إثر سقوط آخر خلافة المُلك

 العاض أو العضود للمسلمين منذ مئة سنة تقريباً وها هو اليوم يلفظ

 أنفاسه الأخيرة ويحتضر قبل الإعلان عن موته الزؤام وبزوغ فجر

 خلافة الراشدين المهديين من جديد إلى ما شاء الله لها أن تمكث في

 الأرض تملؤها عدلاً وقسطاً بعدما ملأها ذلك الإستعمار الغربي

 الصليبي البغيض جوراً وظلماً ممتثلاً أوامر آلهته التي يعبدها من

 دون الله وهي الشيطان والماسون والدجال وبمساعدة كل حكام

 العالم له من عبيده وعملائه ومرتزقته المأجورين قاتلهم الله جميعاً

 أنى يؤفكون



 
وحتى لا نطيل عليكم أحبابي الكرام سنكتفي باستعراض بعض

 الصوَر المعبِّرة مع الإعتذار لكم عن بشاعتها لتنوب عنا في سَرد

 الأحداث الحزينة والمؤلمة التي تابعها الجميع لتلك الثورات التي

 قامت في بلاد العرب والمسلمين وانتهت إلى لا شيء - للأسف

 الشديد - سِوى الخراب والدمار وإراقة الدماء في الشوارع

 والميادين على يَد جُنود إبليس المَلاعين وإزهاق الأنفس البريئة

 على أعواد المشانق بأيدي القضاة المجرمين وهَتك سِتر الفتيات

 العفيفات الغافلات المؤمنات واغتصابهن بوَحشية على يَد ذوي

 القلوب المريضة من مُخنثي أبناء جيوش الذل والخِزي والعار

 والشنار وقتل وحَرق وتهجير المُستضعَفين من الرجال والنساء

 والوِلدان الذين لا يستطيعون حِيلةً ولا يَهتدون سَبيلا وآخرون

 غيرهم يُلقون بأنفسهم وأهليهم في عرض البحر فراراً من الموت

 إلى الموت الذي هو مُلاقيهم أينما كانوا ولو في بُروجٍ مُشَيَّدة وكذلك

 من ماتوا تحت التعذيب في السجون والأرامل والثكالى والأطفال

 الذين قضوا بالغاز الكيماوي السّامّ دون ذنبٍ اقترفوه ونبش قبور

 المَوتى للتمثيل بجُثثهم ومجاعات مع أمراض وكوارث ومَجازر

 شتى هنا وهناك وغيره الكثير الكثير مما يَندى له الجبين ويَنزف

 القلب منه دَماً قبل أن تذرِف عليه العُيون وتنفجر بالدموع ، وسوف

 نتطرَّق لموضوع الثورات هذا في بلاد العرب والمسلمين في خِضَم

 سَرد أحداث وتفاصيل الفصل الرابع والأخير من سيرة وحياة

 المهدي الحقيقي وُصولاً إلى الآن بإذن الله تعالى
 


















يُقادُ للسِّجنِ مَن سَبَّ الزعيمَ ومَن *** سَـبَّ الإلهَ فإن النـاسَ أحـرارُ


لمثلِ هذا يذوبُ القلبُ من كمَدٍ *** إنْ كانَ في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ


#المهدي !!! لَبيبُ القومِ تألَفُهُ الرَّزايا *** ويأمُرُ بالرّشادِ فلا يُطاعُ

وآخر دعوانا أنِ الحَمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق